2018/03/10

إكتشاف ثلاثة مدن قديمة في تل فخيرية :واشوكاني العائدة إلى الفترة الميتانية,سيكاني العائدة إلى الفترة الاأرامية ,وثيودوسيوبوليس العائدة إلى الفترة البيزنطية.



البحث الأثري في تل فخيرية  TELL FEKEHERIYEH:



*البحث الأثري عند كالفن ماك إيفان في تل فخيرية

يتربع تل فخيرية جنوب مدينة رأس العين الواقعة شمال غرب مدينة الحسكة

 بمسافة  82كم فوق سهول واسعة تحيط به من كل مكان على ارتفاع خمسة

 عشر متراً، وتقدر مساحته الإجمالية بحوالي بثمانين هكتاراً،

كما تشير طبوغرافية الموقع إلى أنه يتألف من كتلتين رئيستين.

سبق "لماكس فون أوبنهايم" أنه عزم على إجراء أعمال تنقيب في تل فخيرية،

 لكن اندلاع الحرب العالمية الثانية حال دون تحقيق ذلك، ثم نقلت سلطات

 إدارة الانتداب الفرنسية رخصة التنقيب الممنوحة له إلى فريق أمريكي

من جامعة شيكاغو يرأسه "كالفن ماك أيوين" الذي بدأ أعمال التنقيب في

تل فخيرية في مطلع صيف عام 1940م. 

 في الجهة الشمالية من المدينة العليا للموقع كشف في السبر

 /9/ عن أجزاء من بناء مترامي الأطراف يعود إلى الفترة الآرامية

القرن 7-8 ق. م، يعتقد أنه مقر لحاكم يتخذ شكل بيت هيلاني،

وقد بنيت جدرانه باللبن ذي القوالب المربعة بقياس40×40×10سم،

كما عثر أيضاً على مجموعة من العاجيات تعود إلى القرن الثالث عشر ق. م،

 وإلى الشرق منه عثر على سلسلة من الجدران والأبراج تعود إلى الفترة الرومانية.

وفي الجهة الشمالية الغربية من المدينة العليا تم التعرف في السبر /6/ على مبنى

 عثر بداخله على مجموعة من الرقم المسمارية تعود إلى النصف الثاني من

القرن الثالث عشر ق.م، وهذه الرقم تؤكد أنه بيت لتاجر ثري.

وبعد الاحتلال الألماني لفرنسا وضعت الإدارة الفرنسية في سورية التي كانت موالية

لحكومة فيشي نهاية مفاجئة لتنقيبات"كالفن ماك أيوين" بما يتوافق وطلب "أوبنها يم".

*البحث الأثري عند أنطوان مورتكات في تل فخيرية

بدأ "أنطوان مورتكات" نشاطه التنقيبي في سورية عام 1955م

بموسم أول فيتل فخيرية، ثم أتبعه في السنة التالية بموسم تنقيبي ثان قصير،

 كان مورتكات يأمل من خلاله أن يتمكن من تحديد موضع عاصمة الميتانيين واشوكاني

 في تل فخيرية، وعندما لم تأت الأعمال بدليل أكيد على ذلك فقد انتقل إلى تل أيلون

 الواقع بالقرب من الدرباسية، وأجرى فيه حفريات لشهر واحد، ثم تحول مع بداية عام

  1958 للتنقيب في تل خويرة الواقع غرب تل فخيرية بـ 60كم.

اقتصرت أعمال البحث الأثري التي أجراها" أنطوان مورتكات" في تل فخيرية

 بين عامي 1956-1955م على عدة أسبار دون الكشف فيه عن مساحات واسعة،

وهذا التنقيب المحدود في الموقع لم يكشف عن النظام المعماري فيه إلا أنه أكدَّ

أن التل كان مأهولاً خلال الألف الثاني ق.م.

ففي الجهة الشمالية من المدينة العليا للموقع السبر9 الذي عملت فيه البعثة الأثرية

 الأمير كية عام 1940م أجرى مورتكات سبراً بهدف تكوين فكرة واضحة عن حالة

البناء المسمى بالقصر وتطوره، وتمكن من تمييز بعض الأرضيات وبقايا الجدران

 العائدة للفترة الآشورية الوسيطة والحديثة، ثم تابع تحت الطبقة /6/ التي كشف

عنها "أيوين" المؤرخة بالقرن الثالث عشر ق.م.

ووصل إلى سويات احتوت على أجزاء من جدران بنيت على شكل محراب استنتج

أنها بقايا معبد صغير، وبقايا تحصينات ،كما عثر على لقى أثرية تعود إلى فترة الخابور،

و إلى الجنوب من السبر رقم /6/ الذي عملت فيه البعثة الأثرية الأمريكية

وعلى بعد  250متراً عن المنحدر الغربي من المدينة العليا أجرى سبراً

 بعرض 7 أمتار، وطول 17 متراً، وعمق زاد عن 13متراً،

وقد تمكن من خلاله التعرف على السويات الحضارية التي مرت على الموقع،

 والممتدة من فترة الحضارة العربية الإسلامية، وحتى الفترة الآشورية الوسيطة

 - الفترة الميتانية .

 في عام 1956م أجرى سبراً جديداً في الجهة الشرقية من المدينة العليا،

 وتوصل إلى النتائج ذاتها للسبر السابق، كما كشف عن بقايا أبنية من اللبن،

 وعلى جرار فخارية تعود إلى القرنين 15-14 ق.م أي إلى الفترة الميتانية،

 معتقداً أنها تعود إلى فترة الملك شوشاتار.

*الأبحاث الأثرية الحديثة في تل فخيرية:

خلال أعمال التسوية التي جرت جنوب المدينة العليا عام 1979م عثر

 بالمصادفة على تمثال منحوت من الحجر البازلتي  طوله متران يمثل

الملك هدد يسعي الذي حكم أواخر القرن التاسع وأوائل القرن الثامن قبل الميلاد،

 وعليه كتابة ثنائية اللغة من الآشورية، والآرامية تشير إلى أن اسم المدينة

كان/ سيكاني /. وإن التمثال نصب أمام معبد إله الطقس من/ جوزانا

/ تل حلف  وذلك في مدينة سيكاني.

وبنتيجة حت الأمطار في الجهة الشمالية من المدينة المنخفضة عام 1996م

برز جزء من تمثال للعيان، فأجرت بعثة أثرية سورية من المديرية العامة للآثار

 والمتاحف برئاسة "عبد المسيح بغدو" حفريات في الموقع،

 فكان أن كشفت عن سويتين أثريتين فيهما جدران مبنية من مادة الحجر

 تعود إلى كل من الفترة البيزنطية - الرومانية. 

احتوت السوية الأولى على جرة مصنوعة من مادة البرونز بداخلها مجموعة

 من اللقى الهامة من ضمنها ست قطع نقدية مصنوعة من مادة الذهب

تعود إلى فترة حكم الإمبراطور البيزنطي فوكاس 610- 602 م،

وضمَّت السوية الثانية تمثالاً لإمبراطور روماني يرتدي ملابس عسكرية،

 وهو  مصنوع من حجر المرمر بطول 210سم، رأسه وذراعاه مفقودان،

 ويعتقد أنه أقيم في القرن الثاني الميلادي

وفي عام 2001م تم الترخيص رسمياً لبعثة أثرية سورية - ألمانية مشتركة

 برئاسة "عبد المسيح بغدو" من الجانب السوري و"ألكسندر بروس"عن الجانب

 الألماني تمكّنت من خلال الأسبار وأعمال التنقيب المنهجي في الموقع تحديد

 الفترات التاريخية التي مرت عليه وهي : "- فترة الحضارة الأشورية الوسطى والحديثة-

 الفترة الآرامية - الفترة  الهلنستية- الفترة الرومانية - الفترة البيزنطية

 - فترة الحضارة العربية الإسلامية".

ففي القطاع (A) المتوضع في الجهة الشمالية من المدينة العليا، تمكن الباحثون

 الأمريكيون عام 1940 م من الكشف عن أجزاء من بناء مترامي الأطراف

يعود إلى عصر الحديد، يعتقد أنه مقر الحاكم يتخذ شكل بيت هيلاني،

كما عثروا أيضاً على مجموعة من العاجيات تعود إلى القرن الثالث عشر ق.م،

 وإلى الشرق منه كشفوا عن سلسلة من الجدران والأبراج تعود إلى الفترة الرومانية.

وبتنظيف المقطع الجانبي من قبل البعثة المشتركة وتوثيقه بطول 20متراً ظهرت

 جدران بيت هيلاني التي كانت محفوظة حتى ارتفاع ثلاثة أمتار،

 وكانت  أبعاد اللبنة الواحدة 40×40×10سم، يليها جدار يعود

 إلى الفترة الآشورية الوسطى، وعلى الأرض العذراء كشف عن

 أربعة قرون يعتقد أنها لأبقار أو لثيران برية، ويرجح أنها أضحيات التدشين.

 وتم الكشف في القطاع (B) الواقع في الجهة الغربية من المدينة العليا من قبل

 البعثة المشتركة عن خمس سويات حضارية، تم التعرف في السوية الأولى

على غرفة مبنية من اللبن والحجر الكلسي تعود إلى القرن العاشر الميلادي،

 تليها السوية الثانية التي عثر في داخلها على بقايا آثار تعود إلى الفترة البيزنطية،

 أما في السوية الثالثة فقد كشف عن أرضية مرصوفة بالحجر يعتقد أنها باحة،

 وكشف تحتها عن بئر يليه طبقة ردم تعود إلى الفترة الرومانيةالهلنستية،

 ثم توضعت تحتها مباشرة السوية الرابعة التي عثر بداخلها على مدفنين يعودان

 إلى الفترة الآرامية، تم وضعهما ضمن السوية الخامسة التي عثر بداخلها على

 بقايا منـزلين يعودان إلى الفترة الآشورية الوسطى، وكان لكل منهما أرضيتان.

 وفي القطاع (C) الواقع في الجهة الشمالية من المدينة المنخفضة، وإلى الجنوب

 من حفريات عام 1996م، تمكنت البعثة المشتركة الكشف عن أجزاء من جدران

 وأرضيات وساحة مفروشة بالحصى عثر بداخلها على نقود تعود لفترة الحضارة العربية

 الإسلامية، ونقد برونزي للقيصر البيزنطي جوستينوس الثاني  565-578م،

 وعن كسرة نقد لتيودوسيوس الذي حكم بين عامي 379-395م

 وذكر بأن القرية / ريسانيا / رأس العين رقيت في سنة  380م

 إلى مرتبة مدينة، وتغير اسمها فأصبحت ثيودوسيوبوليس.

توقف العمل في الموقع حتى عام 2006م، حيث تم الترخيص مجدداً لبعثة

 أثرية سورية - ألمانية مشتركة برئاسة "عبد المسيح بغدو" عن الجانب السوري،

 و"دومنيك بوناتز" عن الجانب الألماني.

هذا وقد بيّنت أعمال التنقيب في القطاع (A) المتوضع في الجهة الشمالية

من المدينة العليا وجود أساسات حجرية، وبئر يعتقد أنها حديثة العهد،

وسوية ضمَّت جدراناً مبنية من اللبن، وعدة أرضيات توضع فوقها كسر فخارية

 تعود إلى عصر الحديد.

وإلى الجنوب من القطاع (A) في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة العليا،

تم فتح قطاع سمي القطاع (B)، عثر في داخله على هياكل عظمية إنسانية،

 وعملات ذهبية تعود إلى الفترة العثمانية توضعت تحتها سوية عثر في داخلها

على هياكل عظمية بشرية، وعلى مزهرية، وجدران لمبنى كبير بنيت أساساته

 من الحجارة واللبن المشوي ضمَّ غرفتين كشف داخل إحداهما عن حمام،

 وبئر مغطى بسقف من الجص، وعلى أرضية مجصصة، و أسرجة فخارية

 تعود إلى فترة الحضارة العربية  الإسلامية، و نقود برونزية، و أقراط تعود إلى

 الفترة البيزنطية القرن السادس الميلادي، وفي الجزء الجنوبي الغربي منه تم

 الكشف عن بناء مؤلف من جدران عريضة مبنية من اللبن، وأرضية مطلية

  بطبقة سميكة من الجص، والبناء بمجمله يعود إلى الفترة الرومانية المتأخرة

. وفي الجهة الغربية منه كشفت أعمال التنقيب عن غرفة مستطيلة الشكل، عثر بداخلها

على كسر فخارية تعود إلى كل من الفترة الآشورية الوسطى، والفترة الميتانية.

 أمّا في الجهة الغربية من المدينة العليا وإلى الجنوب من القطاع (B) الذي تم البحث

 فيه عام 2001م فقد تمّ فتح قطاع جديد دعي بالقطاع (C)،

حيث كشف فيه عن بئر يعود إلى الفترة الإسلامية، وسوية تعود إلى الفترة البيزنطية،

 وغرفتين مبنيتين من اللبن تعودان إلى الفترة الآشورية الوسطى،

وعثر في داخل إحداها على مدفن احتوى على هيكل عظمي وضع داخل جرتين كبيرتين

وإلى الجنوب من القطاع (C) في الجهة الغربية من المدينة العليا،

 تم التعرف في القطاع (D) على ستة أشكال لأبنية، ضمَّ الشكلان الأول والثاني

 على بقايا أساسات حجرية لأبنية تعود إلى الفترة الإسلامية المبكرة،

 واحتوى الشكلان الثالث والرابع جدراناً مبنية من اللبن والحجر تعود إلى

 الفترة الرومانية المتأخرة، وتم التعرف في الشكل الخامس على جدران مبنية من الطين

 يعتقد أنها تعود إلى الفترة الكلاسيكية، واحتوى الشكل السادس على غرفة عثر بداخلها

 على تنور، وكسر فخارية تعود إلى كل من  الفترة الآشورية الوسطى، والفترة الميتانية.

وهكذا تأتي أهمية تل فخيرية من خلال الاكتشافات التي تحققت فيه، وخاصة من الناحية

المعمارية، واللقى الأثرية التي أكدت أهميته التاريخية خلال النصف الثاني من الألف

 الثاني ق.م وحتى القرن العاشر الميلادي.


المرجع : بغدو , عبدالمسيح . مائة وخمسون عاماً من البحث الأثري

              في الجزيرة السورية - دمشق  2009











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق