2018/05/26

التعرف على منشآت معمارية هامة تعود إلى الألف الرابع ق.م في تل حموكار.


البحث الأثري في تل حمو كار TELL HAMOUKAR:


يقع تل حموكار على بعد 160كم شمال شرق مدينة الحسكة،

و8كم جنوب غرب ناحية اليعربية، تبلغ مساحته حوالي 103هكتارات،

 ويرتفع عن سطح البحر 404م، وتشير طبوغرافية الموقع إلى أنه

 يتألف من عدة كتل رئيسة يحيط بها سور.

في عام 1999م بدأت بعثة أثرية سورية- أميركية مشتركة أعمالها

التنقيبية في تل حموكار برئاسة "أ. محمد مكطش، د. عمرو العظم،

 أ. سلام قنطار" بالتتابع عن الجانب السوري من المديرية العامة للآثار

 والمتاحف، و"د. ماغواير جيبسون، و"د. كليمنس ريتشل" بالتتابع

عن الجانب الأميركي من جامعة شيكاغو. وقد بينّت الكسر الفخارية

 المنتشرة في الموقع أنه استوطن لأول مرة خلال فترة حلف،

 وفترة عبيد المتأخرة في الألف الخامس ق.م.

ومن خلال أعمال التنقيب المنهجي التي تمت خلال عدة مواسم في العديد

من القطاعات تبين أن العصور التي مرت عليه هي:

 "- فترة أوروك بمراحلها الثلاث - فترة نينوى /5/ - الفترة الأكادية وما بعدها

 - الفترة الآشورية الحديثة - فترة الحضارة العربية الإسلامية".

لقد اكتسب الموقع أهمية خاصة خلال الألف الرابع ق. م حيث بلغت

 مساحته 15هكتاراً،

 وكشفت أعمال التنقيبات الأثرية في القطاع (A) ذي الأبعاد 60×3م

 عدة سويات أثرية أقدمها تعود إلى فترة أوروك الباكر الشمالي 4000-3700ق.م

 حيث عثر بداخلها على بقايا جدران مبنية من اللبن ومجموعة من الأواني الفخارية،

توضع فوقها سوية تعود إلى فترة أوروك الوسيط الشمالي 3700-3500ق.م

 ضمَّت جداراً بعرض 4م وارتفاع 3م مبني من اللبن ذي الشكل المستطيل

والحجم الكبير، ومن خلال السبر المُدَّرج في القطاع (F) تبين أنه سور

المدينة العائد إلى منتصف الألف الرابع ق.م. وقد كشف فوق الجدار

 ثلاث سويات أثرية تعود إلى فترة أوروك المتأخر 3500-3000ق.م

 حيث عثر فوق أرضياتها على جرار فخارية، توضع فوقها سويات تعود

 إلى العصر البرونزي القديم فترة نينوى /5/،

 والفترة الأكادية وما بعدها 3000-2000ق. م احتوت على جدران عثر

 بداخلها على مجموعة من الأواني الفخارية.

شهد تل حموكار خلال النصف الثاني من الألف الثالث ق.م ازدياداً مفاجئاً

في حجم الاستيطان ليتحول الموقع من قرية صغيرة إلى حجم مدينة بلغت

 مساحتها حوالي 103هكتاراً. تلتها مباشرة سوية تعود إلى

 فترة الحضارة العربية الإسلامية المبكرة أي حوالي 700-1000م

تمثلها غرف صغيرة مبنية من الطين المشوي عثر بداخلها على مجموعة

 من الكسر الفخارية، وضمن كل سوية في هذا القطاع تم التعرف على

آبار كانت تزود الموقع بالمياه، وأكدت المكتشفات في القطاع

Dوجود استيطان كبير ضَّم بقايا عمرانية طينية، وعمارة في القطاع

Z احتوت على جزء من غرفة وفرن لتصنيع الفخار تعود إلى

 فترة أوروك الباكر الشمالي

. وكشف في القطاع  Bعلى أربع سويات أثرية ضمَّت منشأة معمارية

 سكنية تعرضت إلى حريق كبير تعود إلى فترة أوروك الوسيط احتوت

 على المبنى الثلاثي من طراز أوروك الجنوبي الذي يتألف من فناء خارجي

 توضع في الجهة الجنوبية من المبنى، وأربع غرف صغيرة تطل عليه

 من الجهة الشرقية، ومجموعة أفران بيضوية الشكل ذات أبعاد 3×2م

 عثر على إحداها سالماً مبني على شكل قبة كانت تستخدم للطبخ

 وخاصة طبخ اللحوم نظراً لاحتوائها على كمية كبيرة من عظام الحيوانات

وبعض النباتات المتفحمة، بالإضافة إلى تنور مخروطي الشكل لصناعة الخبز.

وقد عثر داخل هذه المنشأة على مجموعة من طبعات الأختام المصنوعة

من الطين استخدمت كأغطية لأوان فخارية نقش عليها أشكال إنسانية

وحيوانية ونباتات، بالإضافة إلى طبعات لختم الأبواب اكتشف ما يشبهها

 في تركيا وشمال العراق، مما يدل على وجود علاقات تجارية واقتصادية

فيما بينها. كما كشف على مجموعة من طبعات الأختام المصنوعة من العظم

 والحجر ثقبت من أجل التعليق منحوتة بأشكال حيوان / زوج من الأسود- أسد

- غزال مضطجع - حيوان ذو قرون- طائر- سمكة - دب أسد يصارع حيوان

 ذو قرنين / يعتقد أنها استخدمت كتعويذات، بالإضافة إلى منحوتة عظمية على

 شكل خنجر وعثر في إحدى الحفر التي يعتقد أنها قبر على عظام بشرية و خمسة

 آلاف خرزة وتسعة وثمانين طبعة ختم ودمى مصنوعة من العظم ذات عيون

 كبيرة اكتشف ما يشبهها في تل براك.

هذا وتأتي أهمية هذه المنشأة كونها خليط من الحضارة الجنوبية الوافدة والمحلية،

وجميع الدلائل ترجح حدوث صراع من نوع ما أدى إلى اقتتال،

 ومن ثم تدمير هذه المنشأة في منتصف الألف الرابع ق.م.

 وفي القطاع  C  تم الكشف عن بناء عام ترافق مع عدة أبنية احتوت على

غرف مبنية من اللبن تعود إلى الفترة الأكادية، تشير طريقة بناء الجدران

 إلى أنه قصر أو مبنى حكومي عثر في داخله على مجموعة من طبعات

الأختام الأسطوانية، عليها أشكال إنسانية- حيوانية نحت على إحداها

 في الأعلى مشهد نسر يلتقط حيوانات، وفي الأسفل إنسان يقاتل عقارب ضخمة،

 وختم آخر عليه صورة ذراع إنسان، وأختام أخرى يمكن ربطها بأختام

 بلاد الرافدين العائدة للفترة الأكادية وما بعدها. إن مواضيع طبعات هذه الأختام

 تعكس فن النحت العائد إلى الفترة الأكادية.

 تلتها سوية تعود إلى الفترة ما بعد الأكادية أي حوالي 2100ق.م

عثر بداخلها على مجموعة من الكسر الفخارية أكدت أن الموقع لم يهجر

بعد سقوط الإمبراطورية الأكادية، وقد توضعت فوقها سوية تعود إلى

الفترة الآشورية الحديثة، احتوت على أجزاء من منازل وأقنية لتصريف

 المياه إضافة إلى قبور عثر في داخلها على هياكل عظمية ولقى أثرية.

أكدت المكتشفات المعمارية واللقى الأثرية في تل حموكار أهمية هذا الموقع

ورقي المجتمع الذي كان فيه ولاسيما خلال فترة أوروك، حقاً لقد كان مجتمعاً

متقدماً وراقياً اقتصادياً واجتماعياً، كما ولعب دوراً هاماً في العلاقات التجارية

 آنذاك وخاصة في منتصف الألف الرابع ق.م.

المرجع : بغدو ,عبدالمسيح . مائة وخمسون عاماً من البحث الأثري

        في الجزيرة السورية - دمشق  2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق