*البحث الأثري في تل سكر الأحيمر TELL SEKER AL AHEIMAR
يقع تل سكر الأُحيمر على الضفة اليمنى لنهر الخابور على بعد47كم
شمال غرب مدينة الحسكة، و7كم غرب ناحية تل تمر،
وهو ذو شكل بيضوي، تبلغ مساحته 300×180م، ويرتفع عن
السهول المحيطة به 11م وعن سطح البحر 300م.
ومن خلال أعمال المسح الأثري التي قامت بها البعثة الأثرية
الفرنسية برئاسة د. "بيرتيل ليونيه" عام 1991م تم التعرف على
تل سكرالأحيمر، وقد عثرت البعثة المذكورة آنذاك على بعض
الكسر الفخارية، والأدوات الصوانية والحجرية التي تعود إلى
عصور ما قبل التاريخ.
وفي عام 2000م بدأت بعثة أثرية يابانية من جامعة طوكيو برئاسة
د. "يوشيهيرو نيشاكي" أعمالها التنقيبية في الموقع،
وتبين لها من خلال الأسبار وأعمال التنقيب المنهجي التي تمت خلال
سبعة مواسم في عدة قطاعات أن العصور التي مرت بها الموقع تتمثل
بما يلي :"- العصر الحجري الحديث بمرحلتيه ما قبل الفخار والفخاري المؤرخ
مابين 8000-4500ق. م
- العصر الحجري النحاسي المؤرخ ما بين 4500-3100 ق.م
وقد تمكنت البعثة من التعرف على مرحلتين تعودان إلى
العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار، وتبين أن المرحلة الأولى
تعود إلى العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار المتوسط (P. P. N. B)،
وقد احتوت على عدة سويات أثرية كشف في داخلها زاوية لغرفة مستطيلة
الشكل محاطة بالطين، أرضيتها مطلية بالجص، وبالقرب منها حفرة لفرن
متطاولة الشكل، ورصيف من الحجارة، وجدار مبني من الطين،
وموقد دائري الشكل القطاع C.
كما عثر في القطاع (E) على حفرة فرن بيضوي الشكل، وموقد تحيط به حجارة،
ورماد كشف في داخله عن عظام حيوانية، وفي الجهة الشمالية منه تم الكشف
عن مخلفات نهرية متراكمة وصولاً إلى الأرض العذراء.
أما المرحلة الثانية العائدة إلى العصر الحجري الحديث -ما قبل الفخار
المتأخر- P. P. N. B، فقد ضَّمت مجموعة من السويات الأثرية عثر بداخلها
على عدّة مبان مؤلفة من مجموعة غرف مستطيلة الشكل، كما أن بعضها ذا حجم صغير،
وقد بلغت أبعادها 1.3×1،1م، القطاع : E، وبعضها الآخر كان أكبر حجماً،
حيث بلغت أبعادها 1.6×2.2م، القطاع: C، وكانت معظم جدرانها
و أرضياتها مطلية بالجص بعناية جيدة، وقد شُيدت بعض جدرانها المبنية
من الطين المدكوك فوق أساسات حجرية عثر في داخل إحداها على تمثال لقرن
غزال مصنوع من الجص القطاع: A، كما كشف عن عدة حفر لمواقد وأفران
احتوت على كمية كبيرة من الرماد عثر في داخل بعضها على عدد كبير
من العظام الحيوانية القطاع:E، وكذلك على قناة لتصريف المياه القطاع: A.
وتم الكشف عن مرحلتين تعودان إلى العصر الحجري الحديث الفخاري،
وتبين أن المرحلة الأولى تعود إلى فترة ما قبل حسونة الأول، بحيث احتوت
على عدة سويات أثرية ضَّمت منشآت سكنية محفوظة بشكل جيد.
كما كشف بداخلها العديد من الغرف المستطيلة الشكل القطاع :A،
وكانت معظم جدرانها وأرضياتها مطلية بالجص بدقة وإتقان، وقد تراوحت
أبعاد بعضها من الداخل ما بين 1.2و2م، أما عرض جدرانها المبنية من الطين
المدكوك فكان مابين 40 و50سم، و بارتفاع وسطي 80سم وفي إحداها
كشف محراب دائري الشكل مبني من الحجر، بداخله بقايا عظام،
و مجموعة من الأدوات بلطات- مقاحف- فؤوس حجرية - نصال،
وكسر لأواني حجرية، وكسر فخارية، وكشفت مواقد دائرية، وأفران،
وحفر بيضوية الشكل يعتقد أنها جزء من مكان لورشات عمل وعثر في
إحدى غرف القطاع (E) على قناة لتصريف المياه بطول 80سم وعرض 15سم
وهي مطلية بالجص من الداخل.
وتمّ أيضاً التعرف في القطاع (C) على بناء متطاول احتوى على عدة غرف
مربعة الشكل وصغيرة الحجم، وعلى بناء مستطيل، وشوارع معبدة، وعدة أفران
وجد بعضها داخل الغرف، والبعض الآخر خارجها، وقد أكدت هذه المكتشفات
تنوع الهندسة المعمارية خلال هذه المرحلة.
كما بينّت المكتشفات الأثرية خلال المرحلة الثانية العائدة إلى فترة حسونة الباكر
أنها افتقرت إلى المنشآت المعمارية، واقتصرت على وجود جزء من غرفة
مستطيلة الشكل القطاع: C بنيت جدرانها من كتل طينية، وأرضيتها مطلية
بطبقة رقيقة من الجص، وعلى سويات أثرية قليلة احتوت على رماد عثر
في داخله على أدوات حجرية وصوانية وكسر فخارية القطاع: E-A
مما دل على وجود انقطاع في الاستمرارية المهنية خلال هذه المرحلة،
وللتأكد أن هذا الانقطاع شمل كامل الموقع خلال هذه الفترة لابُدَّ من استمرار
أعمال التنقيب في كافة أنحاء التل.
وقد عثرت البعثة على مرحلة واحدة تعود إلى العصر الحجري النحاسي
. وكشف في القطاع (A) ثلاثة سويات أثرية تم التعرف بين السويتين 3و2
على حفرة شبه دائرية مملوءة بالرماد، عثر في داخلها على كسر فخارية
عليها رسومات، وكشف في السوية (2) أدوات حجرية مختلفة وكسر فخارية،
وقطع من الجص.
وفي القطاع (C) تم التعرف على سوية واحدة عثر في داخلها على طبقات
من الرماد، وعلى رسوبيات وكسر فخارية القطاع: B.
وقد أكدت الاكتشافات التي تحققت في تل سكر الأُحيمر أنه من المواقع الأثرية
الهامة والنادرة في محافظة الحسكة، وذلك من خلال اكتشاف المخلفات النهرية
وصولاً إلى الأرض العذراء،مما وضح العلاقة مابين تغير النظام النهري القديم
والاستيطان البشري لهذا التل الذي يبعد عن مجرى نهر الخابور الحالي 80 متراً،
كما أن السهل المنبسط والأراضي الخصبة ساعدا على فهم أسباب الاستقرار الباكر،
وتكون المجتمعات الزراعية فيه.
وتأتي أهمية الموقع من خلال تعاقب فترات العصر الحجري الحديث بشكل مكثف،
وهو ما ندر وجوده في المواقع الأخرى في حوض الخابور.
- ملاحظة : تم إكتشاف دمية الربة الأم بعد صدور المؤلف.
(دمية الربة الأم مصنوعة من الطين غير المشوي, تجسد الربة الأم وهي جالسة.)
المرجع : بغدو ,عبدالمسيح . مائة وخمسون عاماً من البحث الأثري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق