البحث
الأثري في تل محمد دياب TELL MOHAMMED DIAB :
يقع تل محمد دياب على الضفة اليسرى لوادي عباّس
على بعد
(125كم) شمال شرق
مدينة الحسكة، و(13كم) جنوب شرق
ناحية القحطانية،
تبلغ مساحة التل الرئيسي (400×300م)،
ويرتفع عن السهول
المحيطة به حوالي 21م.
أظهرت محفوظات / ماري/ الملكية المكانة البالغة الأهمية
التي
احتلها مثلث
الخابور شمال شرق سورية على تطور حضارة
بلاد الرافدين في
أوائل الألف الثاني ق.م، ونتيجة التحريات
في الموقع، وما سبقها من التقاط بعض البقايا الأثرية
السطحية
المختلفة أبرزت أهمية تل محمد دياب في الألف الثاني ق.م،
ومن هذا المنطلق ولأسباب علمية وعملية على السواء فقد
بدأت
بعثة أثرية
فرنسية من جامعة باريس برئاسة د. "جان ماري دوران"
عام (1987م) أعمالها التنقيبية في الموقع، وتبين لها من خلال الأسبار
وأعمال التنقيب المنهجي التي تمت خلال عدة مواسم في عدة
قطاعات
أن العصور التي مرت على الموقع
هي فترة نينوى/5/،
فترة فجر السلالات الباكرة الثالثة، الفترة الأكادية وما
بعدها،
فترة الخابور، الفترة الميتانية، الفترة الأشورية
الوسيطة، الفترة اليونانية،
الفترة الهلنستية، الفترة البارثية- الرومانية، فترة
الحضارة العربية الإسلامية.
وقد تم الكشف في السبر 7bذي الأبعاد (27×3م) الواقع في
الجهة الشمالية
من الموقع على كتلة مبنية من اللبن الطيني ذي اللون
الأحمر والأسود(تراس)
سطحها مغطى بالرمال والحصى متدرجة حتى أسفل التل تعود إلى
فترة نينوى /5/، وعن جدار مبني من اللبن المتآكل، ومجموعة
تنانير
وجرار فخارية كبيرة استخدمت للتخزين، إضافة إلى عدة قبور
احتوى
إحداها على مجموعة أواني فخارية وأدوات برونزية، وعن سوية
تعود
إلى نهاية الفترة الأكادية احتوت على جدارين مبنيين من
الحجر.
كما بينّت المكتشفات في القطاعين /5.6/ استمرارية بناء
الكتلة الطينية (التراس)
الذي بلغ ارتفاعه
أربعة أمتار خلال فترة فجر السلالات الباكرة الثالثة، والفترة الأكادية.
وفي القطاع (6) تم الكشف على جدار مبني من اللبن يعود إلى
فترة فجر السلالات الباكرة
الثالثة، وعن جزء من بناء القطاع (D6) طول جداره (7.5م) وعرضه
(1.5م)،
وأساساته من
الحجر البازلتي، عثر تحت أرضية واجهته الشمالية على قبر
لطفل صغير موضوع داخل جرّة وجد فيها أدوات برونزية (أسوا
رة- ميدالية)
تعود إلى الفترة
الأكادية.
أما في القطاع (B6) فقد تم التعرف على سوية هامة
تعود إلى فترة الخابور كشف
بداخلها على أجزاء من القصر المؤلف من ثلاثة غرف كبيرة
وساحة مغطاة بالطين
المشوي جدرانها
محفوظة بارتفاع (40سم)، تراوح عرضها ما بين (1.20-2 م)
مبنية بالحجارة البازلتية الضخمة المغطاة باللبن، وعن بنائين يتوضعان في الجهة
الشمالية يعتقد أنهما استخدما كمخازن ومستودعات للقصر.
وقد كشف في الجهة الجنوبية من هذا القطاع على بناء ثالث
مؤلف من عدة غرف،
وشارع يفصل
الأبنية التابعة للقصر المتوضعة في الجهتين الشرقية والغربية.
كما توضعت فوق القصر مقبرة تعود إلى القرن الرابع عشر
الميلادي.
وقد كشف في القطاع (A6) عن أجزاء من بناء يعود إلى
الفترة الأكادية طوله
تسعة أمتار احتوى
على مطبخ طوله أربعة أمتار، عثر بداخله على تنورين،
وبجانبه باحة
سماوية، وإلى الجنوب منه تم التعرف على جدار ضخم ذي
أساسات حجرية بعرض (2م)، وقد توضع فوق هذه السوية أساسات
لغرف
مبنية من حجر البازلت أبعادها(5.40×3.30م) تعود إلى
الفترة ما بعد الأكادية.
أمّا الاكتشاف الأهم في هذا القطاع فهو معبدان، وأبنية
سكنية تعود إلى فترة الخابور.
احتوى المعبد
الأول الكبير المستطيل الشكل ذو الأبعاد (15×12م) على غرفة
رئيسية أبعادها (9.70×5.40م) محورها على استقامة واحدة مع
غرفة قدس الأقداس،
اتصلت بها ثلاث غرف إحداها ذات أبعاد (60.5×20.3م) محاطة
بمقاعد
من اللبن لها مدخل في الجدار الغربي عرضه (1.55م) كشف
بداخلها في
الجهة الشمالية
على المذبح المكون من ثلاث درجات مغطاة بالجص الأبيض،
وعن منبر مؤلف من
درجات مزدوجة، أما جدرانه فكانت مغطاة بمادة الجص
ذات اللون البيج وعليها صورة لامرأة، حيث أشارت المواد
المنتشرة في هذه الغرفة
أنها كانت مكاناً
مهماً للعبادة. وعلى عدة غرف مرتبة على صفين لها ارتباط من الشرق
والغرب بغرف أخرى،وهو مشابه للمعبد المكتشف في موقع تايا
الواقع في شمال العراق.
وضَّم المعبد الثاني الصغير ذو الأبعاد (8×3م) في جداره
الشمالي من الداخل
أربع درجات كل منها بعرض (1.20م)، وارتفاع (30سم) تمثل
هذه الدرجات
منصة لجلوس الكاهن، ومقعداً مبنياً من اللبن يحيط بجدران
المعبد من الداخل،
يبلغ عرضه (40
سم)، وارتفاعه (35سم) حيث عثر بجانب الغرفة الرئيسة
للمعبد على بابيين مقببين مبنيين من اللبن وخمس درجات من
حجر البازلت.
كما تمَّ الكشف في القطاع (b5) على جدران وعدة غرف يعتقد أنها
معابد تعود
إلى الفترة
الأكادية وما بعدها، وسوية تعود إلى بدايات الألف الثاني ق.م
احتوت على مجموعة تنانير مغطاة بالفخار جدرانها مصنوعة من
الطين المشوي،
إحداها كانت
مخصصة للطبخ توضع فوقها ثلاثة مباني مؤلفة من عدة غرف
تابعة للمعبد
المكتشف في القطاع (A5)، وكشفت منشأة تعود إلى الفترة الميتانية،
ومجموعة فخارية
تعود إلى الفترة الآشورية الوسيطة، وسوية ضمَّت جدراناً
تعود إلى الفترة اليونانية، والعديد من الحفر الدائرية
التي استخدمت كخزانات
حبوب خلال الفترة الهلنستية و البارثية - الرومانية تلاها
قبور تعود إلى
فترة الحضارة العربية الإسلامية.
وتم التعرف أيضاً في القطاع (8) على سوية تعود إلى فترة
الخابور احتوت
على ساحة مبنى عثر فوقها على تنورين، وأرضية أخرى مغطاة
بالرمال
والحصى والحجارة
كشف تحتها مدفن فريد من نوعه طوله (1.90م)،
له شكل مستطيل من الأسفل، سقفه مقبب مبني من اللبن
المشوي، مدخله
مغلق باللبن المشوي، عثر بداخله على عشرين أنية فخارية
وأدوات برونزية
(إبر، شفرات، سكاكين)، اتصل مدخله بقبر صغير عثر فيه على
عظام لحيوانات
يعتقد أنها قدمت
كقرابين للآلهة.
ومن اللقى الهامة التي تم العثور عليها في الموقع أجزاء
من رقيمين مسماريين،
وختم اسطواني ذي نمط آشوري قديم، وعلى الرغم من أهمية
الختم الخاصة
فإن مدلوله على الصعيد الجغرافي التاريخي يزيد من أهميته،
خاصة وأن
التجار الآشوريين القدماء كانوا في ذهابهم وإيابهم بين
آشور وكبادوكيا
يعبرون منطقة
كانوا يطلقون عليها اسم بلاد أبوم،
وبنتيجة الأبحاث التي أجريت على محفوظات ماري الملكية
تمَّ تحديد
موقع بلاد أبوم في منطقة تل ليلان وتل محمد دياب،
ومن الممكن اعتبار
الاكتشافات التي
تحققت في الموقع دليلاً على صحة هذا الاستنتاج.
المرجع : بغدو ,عبدالمسيح . مائة وخمسون عاماً من البحث الأثري
في الجزيرة السورية - دمشق 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق