يقع تل الحميدية على الضفة اليسرى لمجرى نهر الجغجغ
على بعد 65كم شمال شرق مدينة الحسكة، وتبلغ مساحته
حوالي 56 هكتاراً، وهو يرتفع عن السهول المحيطة به 40 متراً
، وتشير طبوغرافية الموقع إلى أنه يتألف من ثلاثة مناطق تختلف
من حيث الارتفاع:
- المنطقة الأولى تمثلها المدينة السفلى وترتفع 355م فوق سطح البحر.
-
والمنطقة الثانية تمثلها المدينة العليا وترتفع 365م فوق سطح البحر.
-
والمنطقة الثالثة يتراوح ارتفاعها ما بين (365-391م) فوق سطح البحر.
تأتي أهمية تل الحميدية من خلال موقعه الجغرافي في ملتقى طريقين
هامين للتجارة في الألف الثاني ق.م، حيث كان الطريق الأول يربط بين
بلاد آشور والبحر الأبيض المتوسط، وكانت مصادر المواد الخام من
جبال طوروس والأمانوس،
أما الطريق الثاني فكان يمر في منطقة الخابور السفلي، ويسير بمحاذاة
وادي نهر الجغجغ إلى آسيا الصغرى. وقد ورد ذكر /تائيدو/ في نصوص /إبلا/ ،
كما أنها لعبت دوراً ثانوياً في الفترة البابلية القديمة.
لقد بدأت البعثة الأثرية السويسرية من جامعة برن برئاسة د. "ماركوس ويفلر"
أعمالها التنقيبية في الموقع عام 1984م، وتبين من خلال أعمال التنقيب التي
تمت خلال عدة مواسم أن العصور التي مرت على الموقع هي : "-
- العصر البرونزي القديم / فترة نينوى /5/- الفترة الأكادية/
- العصر البرونز الوسيط / الفترة البابلية القديمة /
- العصر البرونزي الحديث /الفترة الميتانية- الفترة الآشورية الوسيطة/
- عصر الحديد/ الفترة الآشورية الحديثة/
- الفترة الهلنستية- الفترة الرومانية – فترة الحضارة العربية الإسلامية".
وقد أظهرت التنقيبات الأثرية في الجهة الشمالية الغربية القطاع : h-q
عن جدار مبني من اللبن وقناة مياه من الآجر المشوي، ومجموعة من
الأواني الفخارية، بالإضافة إلى سبع طبعات أختام تعود إلى الفترة الأكادية
القطاع:F تحمل إحداها صورة رجل يصارع أسد إلى جانب نقش مسماري
يدل على اسم "ايلي لو" .
لقد بلغ الموقع أوج ازدهاره في الفترة الميتانية، وأصبح مركزاً لمدينة
كبيرة جداً انتظم الاستيطان فيه من خلال ناحيتين بنائيتين متعاكستين.
ـ القسم الأول: منطقة المدينة التي بلغت مساحتها 24.5هكتاراً تقريباً
وارتفاعها 356م فوق سطح البحر.
وقد أحيطت المدينة بسور ضخم وصل ارتفاعه إلى 5.5م، وعرضه 21م،
وممر يفصلها عن القسم الثاني منطقة شرفة مقر الإقامة الشرفة الأولى
التي بلغت مساحتها 16.5 هكتاراً، وارتفاعها 361.5م فوق سطح البحر
والتي شيد عليها قصران ومبنى.
بني القصر الأول المركزي على عدة شرفات بمساحة38.600 متراً مربعاً
وهو عبارة عن مبنى متدرج الشكل تألف من أربع شرفات،
وصل ارتفاع الشرفة الثانية إلى 368.5متراً فوق سطح البحر،
و مساحتها 7.425متراً مربعاً، ولم تتمكن البعثة من معرفة وظيفة هذه الشرفة.
أما الشرفة الثالثة فبلغ ارتفاعها 372.5متراً فوق سطح البحر،
وبلغت مساحتها1.920متراً مربعاً، ويحتمل أن تكون هذه الشرفة
مقر إقامة /الراهبة أنتو/،
وبلغ ارتفاع الشرفة الرابعة 377.5 متراً عن سطح البحر،
ووصلت مساحتها إلى9.345متراً مربعاً ارتبطت هذه الشرفة
بشكل مضاعف مع كل منطقة من المدينة، وذلك عبر الدرج الجنوبي الشرقي،
ومع الشرفة الأولى عبر الدرج الشمالي الشرقي مثلها مثل الشرفة الثانية،
ولم تتعرف البعثة حتى الآن على وظيفة هذه الشرفة.
أما الشرفة الخامسة فقد بلغت مساحتها 19.910 متراً مربعاً،
وارتفاعها 384.5متراً عن سطح البحر فيعتقد بأنها كانت تخدم
كمكان إقامة ملكية ويمكن الوصول إليها فقط عبر الدرج الجنوبي الضخم،
وتربط هذه الشرفات ثلاثة أدراج ضخمة، أهمها: الدرج الجنوبي الذي
يعد المدخل الرئيسي للقصر ويتراوح ارتفاعه ما بين 361.5 إلى 384 متراً
من سطح البحر، وبلغ طوله 159م، وعرضه ما بين 47.5 م و34.5م،
وقد زخرفت جوانبه من الجهة الشرقية والغربية بصفين من الطين المشوي
لها طول 1.1م حملت الأجزاء البارزة في الوسط نصف أعمدة في شكل
يتناسب مع أهمية الموقع.
أما الدرج الشمالي الشرقي الذي تراوح ارتفاعه ما بين361.5 -377.5م
فوق سطح البحر، فقد وصل الشرفات 2و3و4 مع الشرفة الأولى،
ويعتقد أن هذا الدرج كان مكوناً من ثلاثة أجزاء، وربط الدرج الجنوبي الغربي
الذي تراوح ارتفاعه ما بين 356.5 و377.5م فوق سطح البحر مع منطقة
المدينة بالشرفتين الثانية والرابعة.
أما القصر الثاني الواقع في الجهة الجنوبية الغربية من القصر المركزي
فقد شيد على أرض مسطحة، وبلغت مساحته 14.500متراً مربعاً،
ومن المرجح أنه قد تم بناءه قبل القصر المركزي، واستخدم كمقر مؤقت
إلى حين الانتهاء من بناء القصر المركزي، ويعتقد السيد "ويفلر"
أن الفترة الزمنية التي بني فيها هذا القصر هي سنة ونصف السنة
بينما احتاج بناء القصر المركزي عشر سنوات.
وإلى الشرق من القصر تم التعرف على المبنى الشرقي الذي تألف من
بنائين متوازيين بطول170م في الأمام، وقد فصلا برصيف من الأرصفة
التي تربط شرفة مقر الإقامة بالمدينة، ويعتقد أن يكون هذا المبنى معبداً.
وقد أعيد بناء واستخدام القصر المركزي في الفترة الآشورية الوسيطة،
وكذلك في الفترة الآشورية الحديثة في عهد الملك شلما نصر الثالث،
وبعد هذه الفترة هجر القصر نهائياً، ونشأت على الجانب الشرقي للدرج
الجنوبي مستوطنة متواضعة تم التعرف عليها من خلال
المربعات: 39/27و42/28، كما عثر على مجموعة مدافن تعود
إلى الفترة الآشورية الحديثة المتأخرة المربعات: 39/28-29
و40/28. إضافة إلى نصوص مسمارية هي عبارة عن كتابات تأسيسية
لكل من الملك تيكولتي - نينورتا الثاني وشلما نصر الثالث ،
وقد توضعت فوق السوية العائدة إلى الفترة الآشورية الحديثة عدة طبقات
تعود إلى الفترة الهلنستية- البارثية- الساسانية القرن الثالث والثاني ق.م
احتوت عدة بيوت مبنية من اللبن، وعلى الرغم من أنه لم يتم اكتشاف
طبقة خاصة بالعصر الروماني إلا أنه تم العثور على قطعة نقود فوق سطح
التل يرجع تاريخها إلى سنة 337-341م.
وبعد فجوة زمنية قدرها خمسمائة عام عثر في المدينة العليا من
الموقع على مستوطنة تعود إلى العصر العباسي.
المرجع : بغدو , عبدالمسيح . مائة وخمسون عاماً من البحث الأثري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق