2016/11/23

الفخار عبر العصور


يُعتبر الفخار من اللقى الهامة في تأريخ المواقع الأثرية منذ الألف السادس ق.م.

حيث يعتمد الآثاريين أثناء أعمال المسح الأثري على الفخار في التأريخ ,

والآثاري المُتمكن يستطيع من خلال دراسة هذه المادة تحديد الفترات الزمنية

الذي تم فيه الاستقرار في هذا الموقع ,أوذاك... وكذلك أثناء أعمال التنقيب.



أدّى اتساع عملية التبادل التجاري بين المراكز الحضارية المختلفة, في بلاد مابين النهرين 
ومصر,و بلاد الشام إلى انتشار السمات الحضارية والفكرية والتقنية ولاسيما في مجال
 انتقال وتعميم تقانات وأساليب وأنماط التصنيع والإنتاج الفخاري. 

وتشير الدلائل الأثرية إلى أن تقنيات تصنيع الفخار الأولى قد انتقلت من جنوب سورية 
( تل الرماد) وتل بقرص ,و تل أسود شمال سورية إلى موقع أم الدباغية (1) في شمال 
العراق.

ويمتاز فخار هذه المرحلة بلونه القاتم وأنه مصنوع باليد ومصقول وبدون أي زخارف,
 ورغم أنه لايوجد حتى الآن دليل قاطع على صناعة الفخار المبكرة إلاّ أنَّ منطقة شمال 
سورية هي التي أعطت أقدم الآثار الفخارية , وعلى هذا الأساس تعدّ سورية موطن
 الفخار الأول, حيث ظهرت الأواني الفخارية في منطقة العمق منذ مطلع
 الألف السادس ق.م.(2)

إنَّ عملية إنتاج الأواني بعد هذه المرحلة تطورت تقنياً وتصنيعياً, حيث استطاع الفخاريون
 منذ بداية الألف السادس ق.م, تطوير قدراتهم وإنتاجهم لنماذج مختلفة مصقولة وجيدة 
الصنع تتميز برسومها وزخارفها, وأيضاً تم تقوية الأواني بواسطة الشي في المواقد, 
أهم نماذجها فخار حسونة(3),المزوق بالأشكال الهندسية والمتميز بجودة الصنع. 


أما فخار سامراء العائد إلى مطلع الألف السادس ق.م فجيد الصنع, ومزين بأشكال 
هندسية بديعة, ومشاهد إنسانية ونباتية وحيوانية مقتبسة من البيئة المحيطة.


في النصف الثاني من الألف السادس ق.م ظهر الحلفيون صانعو الحضارة الثالثة 
الكبرى بعد حسونة وسامراء,ويشتهر فخار حلف(4) بالأواني ذات الصناعة الراقية, 
والألوان اللامعة الزاهية وهي من أفضل ماأنتج في منطقة الشرق الأدنى خلال تلك 
الفترة وهي مصنوعة باليد وملونة بالأحمر والأسود  والبني الغامق وتشتمل على
صحون وجرار وقدور.وأشكال نباتية زينوها بتشكيلات زخرفية وحيوانية من الطيور
والثعابين والأسماك والثور المقدس.(5)


في مطلع الألف الخامس ق.م ظهرت حضارة العبيد (6), وفيه ازدهرت صناعة 
الفخار من حيث الإنتاج وانخفضت من حيث المستوى وقلّ الاهتمام بالزخرفة , 
وقد زينت الأواني بالأشكال والزخارف الهندسية الرائعة وعثر على نماذج منها
 في أوغاريت.


ولعّل التجديد الأساسي في مجال الأواني الفخارية في بداية عصور فجر التاريخ كان
 في اختراع دولابالفخار السريع مما سمح بزيادة الإنتاج وتحسين نوعيته,
 واختفى الفخار الملون وحل مكانه فخار عادي مزخرف,وأهم ما ميزهذه
الفترة التي أطلق عليها عصر الوركاء (3600-3300ق.م) كان ظهور 
الطاسات العميقة التي أطلق عليها الأواني الناقوسية , وقد استعملت مكاييل
 للحبوب فصار لها وظيفة تجارية هامة.(7)


في بداية الألف الثالث ق.م ابتدأت مرحلة جديدة في المشرق العربي فقد انتهت 
العصور الحجرية وبدء عصر البرونز في بلاد الشام ,
 أمّا في بلاد الرافدين فأطلق عليه عصر فجر السلالات الباكرة.
أهم ما ميز هذا العصر ظهور أوان مصنوعة على الدولاب ذات أشكال هندسية 
تساير التقاليد الجديدة حيث أصبحت الأواني تحمل رسوماً بشرية لنساء عاريات 
يقرعن الطبول وحيوانات يضحى بها وعربات حربية.


واشتهرت بلاد الشام بنوع آخر من الفخار سمي الفخار المعدني وهو رقيق جداً 
ومصقول وقاس لونه أحمر لامع وله رنين .
وفي إيبلا عثر في القصر الملكي على فخار من نوع موحد متجانس, مصنوع على
الدولاب ,جدرانه رقيقة مصبوغة بالأبيض , الكريم, البني, الأحمر, وأهم أنواعه:
 الكؤوس ذات الشكل الأسطواني.
إنّ فخار إيبلا يشكل عنصراً هاماً في تاريخ فترة البرونز القديم الرابع في بلاد الشام
والمنطقة الساحلية والمناطق الشرقية في الفرات.


في الألف الثاني ق.م كثر إنتاج الأواني الفخارية وقلت الزخارف في شمال شرق سوريا 
والرافدين فظهرت أوان فخارية أطلق عليها الأواني الخابورية المخططة بالألوان الأحمر والبني.


وفي النصف الثاني من الألف الثاني ق.م ظهر نوع جديد من الفخار أطلق عليه فخار نوزي ,
 المزخرف بالنباتات والورود والطيور.


وفي  العصر الأرامي مطلع الألف الأول ق.م مال الفخار إلى البساطة فزالت التلوينات 
والزخارف حتى الفترة الهلنستية وعادت الألوان والزخارف والرسومات تغطي كامل 
الأواني الفخارية حتى إن بعض الأساطير جسّدتها الأواني الفخارية.


أمّا الفخار الإسلامي فامتاز ببعض النقوش أو مطبوعاً ببعض العناصر الزخرفية ومن أهمه:
ألواح القاشاني ذات البريق المعدني(8) , والزخارف السوداء والعناصر الزخرفية البارزة 
المؤلفة من الكتابات الكوفية والفروع النباتية.


يعد الفخار من أهم المواد الأثرية التي أعطتنا فكرة عن الفن في العصور القديمة من خلال
تجسيد الفنان لحياته اليومية على الأواني الفخارية فضلاً عن فنه.

وللفخار أهمية كبيرة في دراسة الفنون القديمة التي جسدها الفنان والفاخوري على الأواني
 الفخارية وكذلك في عملية التأريخ , حيث أنها تدل على مدى التطور الاقتصادي 
والتجاري لدى الشعوب.

د.عبدالمسيح بغدو 23-11-2016م


(1) موقع أثري يقع شمال جبل سنجار , يعود إلى فترة ماقبل مجتمعات ما قبل الفخار ب
(2) محيسن , سلطان, آثار الوطن العربي القديم, 1988, ص58
(3) موقع أثري في العراق .
(4) موقع أثري يقع على الضفة اليمنى لنهر الخابور جنوب غرب مدينة رأس العين السورية.
(5) أبو عساف,علي ,فنون الممالك القديمة في سورية,1993م,ص 21
(6) موقع أثري في العراق
(7) محيسن , سلطان, آثار الوطن العربي القديم, 1988, ص227
 (8)  بهنسي , عفيف, تاريخ فن العمارة ,الجزء الأول,2003م,ص 294


مراجع للإستزادة..
........................

1- أبو عساف,علي ,فنون الممالك القديمة في سورية,1993م.

2- بهنسي , عفيف, تاريخ فن العمارة ,الجزء الأول,2003م.

3- محيسن , سلطان, آثار الوطن العربي القديم, 1988,

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق