2020/06/27

البحث الأثري في تل بويض


*البحث الأثري في تل بويض TELL BOUEID /1-2/::

يقع تل بويض 1 على الضفة اليمنى لنهر الخابور، وعلى بعد 18 كم

 جنوب شرق مدينة الحسكة، تبلغ أبعاده 80×60م،

ويرتفع عن السهول المحيطة به 5م.


تل بويض

بيّنت أعمال البحث الأثري التي أجرتها البعثة الأثرية السورية من المديرية

 العامة للآثار والمتاحف برئاسة د. "أنطوان سليمان"بين عامي 1992و2000م

في تل بويض 1 وجود سويتين أثريتين تعودان  إلى الفترة الآشورية الوسيطة

 والحديثة. وقد كشف في داخلها قصرين مبنيين من اللبن.

  وقد تألف القصر العائد إلى الفترة الآشورية الوسيطة 1200-1000 ق.م

 ذو الأبعاد 35×26م من سور مبني من الطين المدكوك، يفصله عن الحدود

 الخارجية ممرٌ بعرض تراوح ما بين  2.80 و 2.10 م، ومدخل يقع في منتصف

 الجدار الشرقي بعرض   2.80م، وساحة مركزية لها مسقط مربع الشكل،

 طول ضلعها 18.20 م يتوضع على أطرافها الشمالية، والغربية، والشرقية

 إحدى عشر غرفة، وُجد في داخلها طبقة سميكة من الرماد الأسود المتفحم الناتج

 عن احتراق الأخشاب المتراكمة فوق بعضها، حيث  يعتقد أن الحريق حدث عمداً

 في نهاية الفترة الآشورية الوسيطة، وتشير اللقى الأثرية التي كشف عنها مثل: الصحون،

 والكؤوس، أن القصر شيد مع بداية الفترة الآشورية الوسيطة واستمر حتى نهايتها.


مخطط القصر-الفترة الآشورية الوسيطة 1200- 1000 قم

  أما القصر العائد إلى الفترة الآشورية الحديثة 1000-700 ق. م فقد ضمَّ (45)

غرفة مربعة ومستطيلة الشكل، لها مداخل فيما بينها موزعة على صفين  من الشمال

إلى الجنوب، وقد شكلت ثلاثة أجنحة، جناح ملكي يقع في الجهة الشمالية الغربية،

 وجناح إداري توضع في الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية، وجناح للخدمات العامة

 يقع في الجهة الشرقية.

ويتم الدخول إلى القصر عبر مدخل كبير يقع في نهاية الضلع الشمالي،

يتقدمه برجان متناظران شُيد كل منهما من قاعدة ضخمة في الأسفل، مع ضلع

 بارز على وجهها الأمامي، تزخرفه من الأعلى محاريب تنبثق من أطرافها

 فتحات شاقولية ، تم التعرف على شكل هذه الأبراج من خلال الكشف على منحوتة

 كلسية بالقرب من البوابة، يؤدي المدخل إلى باحة مركزية /بابانو/،

 ثم إلى غرفة الاستقبال رقم /36/ التي امتازت بمقاعدها المبنية من اللبن

والمطلية بالجص، يليها قاعة العرش رقم /34/ المبنية بشكل مستطيل،

 والمشيدة على خط مستقيم مع المدخل.

لقد امتاز الجناح الملكي بفن معماري انعكس في أبوابه المقوسة، بالإضافة إلى

 وجود معبد صغير أقيم في الباحة المركزية، وهو عبارة عن غرفة يقع محرابها

 في الضلع الشرقي، حيث وجد في داخلها حوضان من الفخار، وتمثال مصنوع

من الطين لامرأة عارية، يداها متشابكتان كرمز للعطاء، مما يرجح أن هذا المعبد

خصص لعبادة الربة عشتار.

أما الجناح الإداري فقد امتاز بغرف مستطيلة كبيرة أبوابها غير مقوسة يتم التنقل

 فيما بينها عبر مداخل واقعة في أطرافها ونهايات جدرانها، بالإضافة إلى كتلتين

مربعتين كشف عنهما في الغرفتين الواقعتين في الزاوية الجنوبية الغربية منه،

 وهما عبارة عن ركائز يقوم حولها درج يؤدي نحو الأعلى.

وقد تمّ الكشف تحت أرضيات القصر عن مجموعة من القبور الفخارية،

وجد في القبر رقم /2/  المتوضع تحت أرضية الغرفة رقم /7/ ختمٌ اسطوانيٌ

 مصنوعٌ من مادة الفريت يصور مشهداً لبطل أشوري يرمي السهام على تنين.

ولاشك أنَّ اللقى الجنائزية التي عثر عليها في قبور الجناح الملكي كانت غنية بالأدوات

 البرونزية، والعقود المؤلفة من خرز العقيق واللازورد، وبعض الأقراط الذهبية.

ومن اللقى الأثرية الهامة التي كشف عنها في القصر تمثال من الألباستر يمثل رجلاً ذا

 لحية يداه متشابكتان إلى الأمام، وعلى رأسه قبعة ومجموعة من الأختام الأسطوانية

 والمسطحة، ومجموعة من الأواني الفخارية لجرار يحمل بعضها زخارف جميلة.

وفي الجهة الجنوبية خارج حدود القصر العائد إلى الفترة الآشورية الحديثة تم الكشف

عن معبد ثان تألف من باحة كبيرة، وغرفتين متجاورتين، زينت واجهتيهما الداخلية من

 الجهة  الشرقية بثلاثة محاريب.

ويتم الدخول إلى المعبد من الجهة الجنوبية عبر بوابتين تؤديان إلى الباحة رقم /44/،

 ومن ثمَّ يتم الانتقال إلى الغرفة رقم /19/، ومنها إلى قدس الأقداس، الغرفة  رقم /18/.

هذا وقد أكدت المكتشفات الأثرية أن هذا القصر يحمل العديد من الصفات المعمارية للقصور

 الآشورية المدنية، حيث تألف مخططه من ساحة مركزية /بابانو/، بالإضافة إلى

قاعة العرش، والمعبد الصغير، وأخيراً القسم الخاص بيتانو.


مخطط القصر والمعبدينالفترة الآشورية الحديثة 1000- 700 ق.م

أما الموقع الثاني الذي عملت فيه البعثة الأثرية السورية عام 1997م فهو

  تل بويض المتوضع على الضفة اليمنى لنهر الخابور ويبتعد 1كم إلى الشمال

 الشرقي من تل بويض/1/، وهو عبارة عن تل صغير له شكل شبه دائري،

  مساحته 1.350م2، ويرتفع عن السهول المحيطة به2م.

وقد دلَّ الكشف الأثري في المنطقة التي تم التنقيب فيها بمساحة  540م2،

والتي تمثل (40%) من مساحة سطح التل عن وجود سويتين أثريتين تعودان

 إلى العصر الحجري الحديث المتأخر، تتوضع فوق الأرض العذراء مباشرة.

وقد ضمّت السوية الأقدم بقايا معمارية، أما السوية العليا فقد احتوت على طبقة

 متآكلة دون أية بقايا معمارية، تخللها حفر تعود إلى العصر الحجري النحاسي.

هذا وقد تمكنت البعثة من خلال مجموع البقايا المعمارية التي تم الكشف عنها في

 السوية الأقدم إلى تمييز أربعة أبنية /I-IV/ تعود إلى الألف السادس ق.م،

 عصرحسونة -سامراء.

وتمَّ الكشف في البناء /I/ على ثلاث غرف مستطيلة الشكل، وتنورين، والعديد من

 مخازن الحبوب، وجرن من البازلت، ومجموعة أدوات مصنوعة من مادة الأوبسيديان.

كما تم التعرف في البناء / II/ على خمس غرف متلاصقة، أرضياتها وجدرانها الداخلية

 مطلية بالجص، ووُجد في إحدى الغرف تنور دائري، بالإضافة إلى باحة مرصوفة بالكسر

 الجصية والفخارية احتوت على أجران، ومدقات بازلتية. ومن خلال مقارنة ما كشف في

 البنائين مع المساكن المكتشفة في مواقع أم الدباغية، وشوغامي، وياريم تبه، تبين وجود

 تشابه ملحوظ في أسلوب إشادة المبنيين الأول والثاني مع المساكن المكتشفة في تلك المواقع.

وأكدت المكتشفات في البناء / III / وجود ثلاث عشرة غرفة متلاصقة رصفت أرضياتها

 بالكسر الجصية والفخارية، شكلت هذه الغرف كتلة معمارية مربعة الشكل طول ضلعها

 12.50م، عثر في داخلها على عدة تنانير، ومستودعان لحفظ الحبوب، ومجموعة من

 الكسر الفخارية من نمط فخار حسونة الخشن العادي والملون بأشرطة بنية مع الفخار

 البرتقالي المدهون باللون الأحمر الغامق، ونمط فخار سامراء الملون ذو الأشرطة

 الهندسية السوداء، بالإضافة إلى شفرات مصنوعة من مادة الأوبسيديان كبيرة الحجم

. وفي البناء /IV / تم الكشف على خمس غرف جدرانها وأرضياتها مطلية بالجص

 وحوضين، وباحة خارجية، وقد وُجد فوق أرضيتها العديد من الأحواض المجصصة

 لتخزين الحبوب، وعدة تنانير عثر في داخل إحداها على مجموعة من عظام الحيوانات

 كالماعز، والأغنام، والغزلان.
مخطط منشأة معماريةفترة حسونة


كما عثرت البعثة في هذه المنشأة المعمارية السكنية على العديد من الكسر الفخارية،

 والأدوات المصنوعة من البازلت والأوبسيديان، وكتل طينية، ومسامير، وطبعات أختام

 مسطحة نُفذ عليها أشكال زخارف نباتية، وهندسية، وحيوانية مشابهة لما كشف عنه في تل

 خزنة /2/، وتل كشكشوك /2/، وتل الصبي أبيض، والعائدة جميعها إلى فترة حسونة.

 هذا وقد أدَّت أعمال الكشف عن المساكن العائدة إلى نمط حضارة حسونة في تل بويض

 /2/ إلى إظهار الدور الذي لعبته هذه المنطقة خلال هذه الفترة الزمنية القديمة بين 

الحضارات  السورية الشمالية والرافدية.


- المرجع : مائة وخمسون عاماً من البحث الأثري في الجزيرة السورية - دمشق 2009







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق